IsDBالتقرير السنويّ
2022

لقد كانت سنة 2022 سنة عصيبة كسابقاتها. وكانت سمتها الغالبة استمرار آثار جائحة كوفيد-19 وتواصُل عدمِ الاستقرار الناجم عن أزمة أوروبا الشرقية. وبالنظر إلى عدم الاستقرار السياسيّ والاقتصاديّ هذا، فقد لا يكون مفاجئاً أن يزيد خطر عدم القدرة على تحمّل الديون في العديد من البلدان ذات الدخل المنخفض.

وفي الوقت نفسه، يؤدِّي تغير المناخ إلى تفاقم الكوارث الطبيعية وتسارع ضعف التنوع البيولوجي. ولذلك يبدو التعاون العالمي ضرورياً، أكثر من أي وقت مضى، للتخفيف من تأثيره على البشرية. وقد كان البنك الإسلامي للتنمية (“البنك”) في طليعة المبادرات العالمية والإقليمية والوطنية الرامية إلى مساعدة البلدان الأعضاء فيما تبذله من جهود لتحقيق نموّ وتنمية مستدامين على المدى البعيد.

وفي هذا الصدد، تشكَّلت شراكات جديدة، وتجدَّدت شراكات قديمة مع عدة مؤسسات، منها الشركة العربية للاستثمارات البترولية، وصندوق النقد الدوليّ، ومنظمة التعاون الإسلاميّ، والصندوق السعودي للتنمية، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الصحة العالمية. ويرمي تعاوننا مع مجموعة التنسيق العربية والمملكة العربية السعودية إلى تنفيذ طائفة كاملة من التدخلات في مجال الأمن الغذائي بقيمة لا تقل عن 10 مليارات دولار أمريكي، يساهم فيها البنك بمبلغ قدره 10.5 مليار دولار أمريكي. وفضلاً على ذلك، أعلن البنك الإسلامي للتنمية والجهات الشريكة في مجموعة التنسيق العربية عن رصد 24 مليار دولار أمريكي لمبادرات تمويل مكافحة تغير المناخ، وكان ذلك في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.

وتعتمد الاتفاقية الإطارية الاستراتيجية التاريخية الموقَّعة مع منظمة الصحة العالمية على الدروس المستفادة من الجائحة. وتضع خارطة طريق لدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة دعماً مشتركاً، ولا سيما في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان الضعيفة.

وخلال سنة 2022، انصبّت عملياتنا على ثلاثة مجالات أساسية هي: (1) تعزيز الانتعاش؛ (2) مكافحة الفقر وبناء القدرة على الصمود؛ (3) حفز النموّ الاقتصادي غير المضرّ بالبيئة. وإضافةً إلى ذلك، أدّى البنك دوراً مهمّاً في فريق الأمم المتحدة الرفيع المستوى المعني بالتصدي للأزمات، فعمل على صياغة التوجيهات والسياسات، وتعبئة الموارد.

وخُصِّص معظم عمليات مجموعة البنك لدعم الانتعاش في مرحلة ما بعد جائحة كوفيد-19 بمبلغ إجماليّ قدره 10.5 مليار دولار أمريكي، قدَّم منها البنك 3.0 مليارات دولار أمريكي، والمؤسسة الدولية الإسلاميّة لتمويل التجارة 6.8 مليار دولار أمريكي، والمؤسسة الإسلاميّة لتنمية القطاع الخاصّ 0.6 مليار دولار أمريكي، والمؤسسة الإسلاميّة لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات 11.6 مليار دولار أمريكي للأعمال المؤمَّنة. ويقف البنك على أهبة الاستعداد لسدّ احتياجات بلدانه الأعضاء، فيما نحن نتجاوز الأزمات معاً ونبني اقتصادات قادرة على الصمود وغير مضرة بالبيئة.

وأزجي خالص شكري للبلدان الأعضاء على ما توليه للبنك من ثقة مستمرّة، ينمّ عنها تأييدُها التامّ للزيادة العامة السادسة في رأس المال، مما يساعدنا على الحفاظ على تصنيفنا الائتماني الممتاز (AAA) للسنة العشرين على التوالي. وهي زيادة ضروريّة لجهودنا الرامية إلى تذليل الصعوبات الجارية، وبناء القدرة على الصمود، ومواكبة بلداننا الأعضاء في تحقيق النموّ المستدام البعيد الأمد وفي بلوغ أهداف التنمية المستدامة.

لقد وضعت هذه البلدان ثقتها المطلقة في مؤسستنا، ونحن نجدّد تعهُّدنا الراسخ بمساعدتها على بناء قدرتها على الصمود وتحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية مستدامة. وأشكر أيضاً موظفي البنك الذين ما كانت إنجازاتنا لتكون ممكنة لولا التزامهم الصارم.

وفي سنة 2023 فما بعدها، سنواصل الاعتماد على تفكير نقديّ وإبداعيّ ومتنوّع وسنظل آخذين بزمام المبادرة في توجيه التنمية الاقتصادية بتعزيز خبراتنا وشبكاتنا ومواردنا والاستفادة منها.

كان التعافي من جائحة كوفيد- 19 بطيئاً ومتفاوتاً ولا يمكن توقُّعه، يعوقه عن التقدُّم ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وعدم الاستقرار الاقتصاديّ العالميّ الناجم عن أزمة أوروبا الشرقية. وفي مطلع سنة 2023، تكاثرت الأزمات الإنسانية في العالم أجمع (زلازل في تركيا وسوريا، وفيضانات في باكستان، ونزاع وجفاف في بعض البلدان الأعضاء الأخرى)، وازدادت كلها حدَّةً بسبب آثار تغير المناخ المستمرّة والمدمِّرة.

وتعاني بلدان أعضاء عديدة- أثّر عليها أصلاً بطء التعافي من الجائحة- من تأزم أحوالها المالية، ويعيش الملايين من الرجال والنساء والأطفال فيها الفقرَ أو يعانون الجوع أو يُشرَّدون من منازلهم. وفي مواجهة هذا المشهد الدوليّ الهشّ، أعاد البنك مواءمة استراتيجيته كي يأخذ في الحسبان الاحتياجات المتنوعة لبلدانه الأعضاء- هي الحد من الفقر، وبناء القدرة على الصمود، والنموّ غير المضرّ بالبيئة- ويتعاون مع جهات إنمائية أخرى شريكة على توفير الموارد الضرورية.

وفي الوقت الذي ينتهي فيه البنك من برنامجه القصير المدة المتعلق بالتصدي لجائحة كوفيد19-، زاد عملياته من أجل التصدّي لأزمة الغذاء، ومكافحة الفقر المقيم، وبناء القدرة على الصمود في أعقاب أزمة أوروبا الشرقية. وارتفع صافي الاعتمادات السنوية لمجموعة البنك من 6.3 مليار دينار إسلامي (8.9 مليار دولار أمريكي) سنة 2021 إلى 7.9 مليار دينار إسلامي (10.5 مليار دولار أمريكي) سنة 2022، وهو ما يمثّل زيادة بنسبة 18.6%. ومن تلك الاعتمادات الصافية، اعتمد البنك 3.0 مليارات دولار أمريكي، واعتمدت المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة 6.8 مليار دولار أمريكي، واعتمدت المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص 0.6 مليار دولار أمريكي. وكانت عمليات سنة 2022 موجهة نحو إقامة شراكات مفيدة، ومكافحة الفقر، وتحقيق الأمن الغذائي، وبناء القدرة على الصمود، وحفز النموّ الاقتصادي غير المضر بالبيئة.

وفيما يلي نبذة عن عملنا في هذه المجالات.